فصل: باب ما جاء في الأجرة على القرب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار **


 باب ما جاء في كسب الحجام

1 - عن أبي هريرة ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم نهى عن كسب الحجام ومهر البغى وثمن الكلب‏)‏‏.‏

رواه أحمد‏.‏

2 - وعن رافع بن خديج ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال كسب الحجام خبيث ومهر البغى خبيث وثمن الكلب خبيث‏)‏‏.‏

رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه النسائي ولفظه ‏(‏شر المكاسب ثمن الكلب وكسب الحجام ومهر البغي‏)‏‏.‏

3 - وعن محيصة بن مسعود أنه ‏(‏كان له غلام حجام فزجره النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم عن كسبه فقال لا أطعمه أيتامالى قال لا قال أفلا أتصدق به قال لا فرخص له أن يعلفه ناضحه‏)‏‏.‏

رواه أحمد‏.‏ وفي لفظ ‏(‏أنه استأذن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في إجارة الحجام فنهاه عنها ولم يزل يسأله فيها حتى قال أعلفه ناضحك أو أطعمه رفيقك‏)‏ رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حديث حسن‏.‏

حديث أبي هريرة قال في مجمع الزوائد رجال أحمد رجال الصحيح‏.‏ وأخرجه أيضا الطبراني في الأوسط وأخرجه ايضا الحازمي في الناسخ والمنسوخ بلفظ ‏(‏قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم من السحت مهر البغى وأجرة الحجام‏)‏ ويشهد له ما أخرجه الحازمي أيضا عن ابن مسعود عقبة بن عمرو قال ‏(‏نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم عن كسب الحجام‏)‏ وحديث رافع أخرجه أيضا مسلم وحديث محيصة أخرجه أيضا مالك وابن ماجه قال في الفتح ورجاله ثقات وأخرج نحوه أحمد في مسنده من حديث جابر ولفظه ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم سئل عن الحجام فقال أطعمه ناضحك‏)‏ وقال في مجمع الزوائد أنه أخرج محديث محيصة المذكور أهل السنن الثلاث باختصار والطبراني في الأوسط قال في مجمع الزوائد أيضا ورجال أحمد رجال الصحيح‏:‏ وقال في حديث جابر الذي ذكرناه أن رجاله رجال الصحيح‏.‏ قوله ‏(‏البغى‏)‏ بفتح الموحدة وكسر المعجمة وتشديد الياء فعيل بمعنى فاعلة أو مفعولة وهي الزانية ومنه قوله تعالى ‏{‏ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء‏}‏ أي على الزنا وأصل البغى الطلب غير أنه أكثر ما يستعمل في طلب الفساد والزنا والمراد ماتكتسبه الأمة بالفجور لا بالصنائع الجائزة وقد قدمنا في أول كتاب البيع أنه مجمع على تحريم مهر البغى‏.‏ قوله ‏(‏وثمن الكلب‏)‏ قد تقدم الكلام عليه في أول البيع وقد استدل بأحاديث الباب من قال بتحريم كسب الحجام وهو بعض أصحاب الحديث كما في البحر لأن النهي حقيقة في التحريم والخبيث حرام ويؤيد هذا تسمية ذلك سحتا كما في حديث أبي هريرة الذي ذكرناه وذهب الجمهور من العترة وغيرهم إلى انه حلال وأحتجوا بحديث أنس وابن عباس الآتيين وحملوا النهي على التنزيه لأن في كسب الحجام دناءة واللّه يحب معالي الأمور ولأن الحجامة من الاشياء التي تجب للمسلم على المسلم للاعانة له عند الأحتياج إليها ويؤيد هذا أذنه صلى اللّه عليه وآله وسلم لما سأله عن الجرة الحجامة أن يطعم منها ناضحه ورقيقه ولو كانت حراما لما جاز الانتفاع بها بحال‏.‏ ومن أهل هذا القول من زعم أن النهي منسوخ وجنح إلى ذلك الطحاوي وقد عرفت إن صحة النسخ متوقفة على العلم بتأخر الناسخ وعدم امكان الجمع بوجه والأول غير ممكن هنا والثاني ممكن بحمل النهي على كراهة التنزيه بقرينة أذنه صلى اللّه عليه وآله وسلم بالانتفاع في بعض المنافع وبإعطائه صلى اللّه عليه وآله وسلم الأجر لمن حجمه ولو كان حراما لما مكنه منه ويمكن أن يحمل النهي عن كسب الحجام على ما يكتسبه من بيع الدم فقد كانوا في الجاهلية يأكلونه ولا يبعد ان يشتروه للأكل فيكون ثمنه حراما ولكن الجمع بهذا الوجه بعيد فتيعين المصير إلى الجمع بالوجه الأول ويبقى الإشكال في صحة إطلاق اسم الخبث والسحت على المكروه وتنزيها‏.‏ قال في القاموس الخبيث ضد الطيب وقال السحت بالضم وبضمتين الحرام أو ما خبث من المكاسب فلزم عنه العار انتهى وهذا يدل على جواز إطلاق اسم الخبث والسحت على المكاسب الدنية وإن لم تكن محرمة والحجامة كذلك فيزول الإشكال‏.‏ وجمع ابن العربي بين الأحاديث بأن محل الجواز إذا كانت الأجرة على عمل معلوم ومحل الزجر على ما إذا كانت على عمل مجهول‏.‏ وحكى صاحب الفتح عن أحمد وجماعة الفرق بين أخر والعبد فكرهوا للحر الاحتراف بالحجامة وقالوا يحرم عليه الانفاق على نفسه منها ويجوز له الانفاق على الرقيق والدواب منها وأباحوها للعبد مطلقا وعمدتهم حديث محيصة لأنه أذن له صلى اللّه عليه وآله وسلم أن يعلف منه ناضحه‏.‏ والناضح اسم للبعير والبقرة التي ينطح عليها من البئر أو النهر ورواية الموطأ وأطعمه نضاحك بضم النون وتشديد الضاد جمع ناضح‏.‏ قال ابن حبيب النضاح الذين يسقون النخيل واحده ناضح من الغلمان ومن الأبل وإنما يفترقون في الجمع فجمع الأبل نواضح والغلمان نضاح‏.‏

3 - وعن أنس ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم احتجم حجمه أبو طيبة وأعطاه صاعين من طعام وكلم مواليه فحففوا عنه‏)‏‏.‏

متفق عليه‏.‏ وفي لفظ ‏(‏دعا غلاما منا حجمه فأعطاه أجره صاعا أو صاعين وكلم مواليه أن يخففوا عنه من ضريبته‏)‏ رواه أحمد والبخاري‏.‏

4 - وعن ابن عباس ‏(‏قال احتجم النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وأعطى الحجام أجره ولو كان سحتا لم يعطه‏)‏‏.‏

رواه أحمد والبخاري ومسلم‏.‏ ولفظه ‏(‏حجم النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم عبد لبني بياضة فأعطاه النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أجره وكلم سيده فخفف عنه من ضريبته ولو كان سحتا لم يعطه النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم‏)‏‏.‏

قوله ‏(‏أبو طيبة‏)‏ بفتح الطاء المهملة وسكون التحتية بعدها موحدة واسمه نافع قوله‏:‏ ‏(‏وأعطاه صاعين من طعام‏)‏ في الرواية الأخرى صاعا أو صاعين‏.‏وفي رواية أبي داود ‏(‏فأمر له بصاع من تمر‏)‏ وفي رواية لمسلم ‏(‏فأمر له بصاع أو مد أو مدين‏)‏ على الشك قوله‏:‏ ‏(‏وكلم مواليه‏)‏ في رواية أبي داود ‏(‏فأمر أهله‏)‏ والمراد بمواليه ساداته وجمع لكونه كان مملوكا لجماعة كما يدل على ذلك رواية مسلم ‏(‏حجم النبي عبد لبنى بياضة‏)‏‏.‏ قوله ‏(‏فخفقوا عنه‏)‏ في الكلام حذف والتقدير كلم مواليه أن يخففوا عنه فخففوا عنه كما في الرواية الأخرى‏.‏ ولفظ أبي داود ‏(‏فأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه‏)‏ وفيه جواز للشفاعة للعبد إلى مواليه في تخفيف الخراج عنه قوله‏:‏ ‏(‏ولو كان سحتا‏)‏ قد تقدم ضبطه وتفسير معناه في شرح الأحاديث التي قبل هذا‏.‏ وفي رواية للبخاري ‏(‏لو علم كراهة لم يعطه‏)‏ يعني كراهة تحريم‏.‏ وفي رواية له أيضا ‏(‏ولو كان حراما لم يعطه‏)‏ وذلك ظاهر في الجواز ‏:‏قوله ‏(‏من ضريبته‏)‏ الضريبة تطلق على أمور منها غلة العبد كما في القاموس وهي بفتح المعجمة فعليه بمعنى مفعولة وجحعها ضرائب‏.‏ ويقال لها خراج وغلة وأجر ‏(‏والحديثان‏)‏ يدلان على أن أجرة الحجامة حلال وقد قدمنا الخلاف في ذلك وما هو الحق‏.‏

 باب ما جاء في الأجرة على القرب

1 - عن عبد الرحمن بن شبل عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال ‏(‏اقرؤا القرآن ولا تغلوا فيه ولا تجفوا عنه ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به‏)‏‏.‏

رواه أحمد‏.‏

2 - وعن عمران بن حصين عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال ‏(‏اقرؤا القرآن واسألوا اللّه به فإن من بعدكم قوما يقرؤن القرآن يسالون به الناس‏)‏‏.‏

رواه أحمد والترمذي‏.‏

3 - وعن أبي بن كعب قال ‏(‏علمت رجلا القرآن فأهدى لي قوسا فذكرت ذلك للنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال إن أخذتها أخذت قوسا من نار فرددتها‏)‏‏.‏

رواه ابن ماجه‏.‏ ولأبي داود وابن ماجه نحو ذلك من حديث عبادة بن الصامت ‏(‏قال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لعثمان بن أبي العاص لا تتخذ مؤذنا يأخذ على أذانه أجرا‏)‏‏.‏

أما حديث عبد الرحمن بن شبل فقال في مجمع الزوائد رجال أحمد ثقات‏.‏ وأخرجه أيضا البزار ويشهد له أحاديث‏.‏ منها حديث عمران بن حصين وأبي بن كعب المذكور أن الباب‏.‏ ومنها حديث جابر عند أبي داود قال ‏(‏خرج علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ونحن نقرأ القرآن وفينا الأعرابي والعجمي فقال اقرؤا فكل حسن وسيجيء أقوام يقيمونه كما يقام القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه‏)‏ ومنها حديث سهل ابن سعد عند أبي داود أيضا وفيه ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال اقرؤه قبل أن يقرأه قوم يقيمونه كما يقام السهم يتعجل أجره ولا يتأجله‏)‏ وأما حديث عمران بن حصين فقال الترمذي بعد اخراجه هذا حديث حسن ليس اسناده بذاك‏.‏ وأما حديث أبي ابن كعب فأخرجه أيضا البيهقي والروياني في مسنده قال البيهقي وابن عبد البر هو منقطع يعني بين عطية الكلاعي وأبي بن كعب‏.‏ وكذلك قال المزي وتعقبهم الحافظ بأن عطية ولد في زمن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وأعله ابن القطان بالجهل بحال عبد الرحمن بن سلم الراوي عن عطية وله طرق عن أبي قال ابن القطان لا يثبت منها شيء قال الحافظ وفيما قال نظر وذكر المذى في ألأطراف له طرقا‏.‏ منها أن الذي أقرأه أبي هو الطفيل بن عمرو ويشهد له ما أخرجه الطبراني في الأوسط عن الطفيل بن عمرو الدوسى قال ‏(‏أقرأني أبي بن كعب القرآن فأهديت إليه قوسا فغدا إلى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وقد تقلدها فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم تقلدها من جهنم قلت يا رسول اللّه انا ربما حضر طعامهم فأكلنا فقال أما ما عمل لك فإنما تأكله بخلاقك وأما ما عمل لغيرك فحضرته فأكلت منه فلا بأس‏)‏ وما أخرجه الأثرم في سننه عن أبي قال ‏(‏كنت أختلف إلى رجل مسن قد أصابته علة قد احتبس في بيته أقرئه القرآن فيؤتى بطعام لا آكل مثله بالمدينة فحاك في نفسي شيء فذكرته للنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال إن كان ذلك الطعام طعامه وطعام أهله فكل منه وإن كان بحقك فلا تأكل‏)‏ وأما حديث عبادة الذي أشار إليه المصنف فلفظه ‏(‏قال علمت ناسا من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إليّ رجل منهم قوسا فقلت ليس بمال وارمي عليها في سبيل اللّه عز وجل لأتينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فلا سألته فأتيته فقلت يا رسول اللّه إنه رجل أهدى إليّ قوسا ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن وليست بمال وأرمى عليها في سبيل اللّه فقال إن كنت تحب أن تطوق طوقا من نار فاقبلها‏)‏ وفي إسناده المغيرة بن زياد أبو هاشم الموصلي وقد وثقه وكيع ويحيى بن معين وتكلم فيه جماعة‏.‏ وقال الإمام أحمد ضعيف الحديث حدث بأحاديث مناكير وكل حديث رفعه فهو منكر‏.‏ وقال أبو زرعة الرازي لا يحتج بحديثه ولكنه قد روي عن عبادة من طريق أخرى عند أبي داود بلفظ ‏(‏فقلت ما ترى فيها يا رسول اللّه فقال جمرة بين كتفيك تقلدتها أو تعلقتها‏)‏ وفي هذه الطريق بقية من الوليد وقد تكلم فيه جماعة ووثقه الجمهور إذا روى عن الثقات‏.‏ وقد أورد الحافظ حديث عبادة هكذا في كتاب النفقات من التلخيص وتكلم عليه فليراجع‏.‏

ـ وفي الباب ـ عن معاذ عند الحاكم والبزار بنحو حديث أبي وعن أبي الدرداء عند الدارمى بإسناد على شرط مسلم بنحوه أيضا‏.‏ وأما حديث عثمان بن أبي العاص فقد تقدم الكلام عليه في الأذان‏.‏ وقد استدل بأحاديث الباب من قال أنها لا تحل الأجرة على تعليم القرآن وهو أحمد بن حنبل وأصحابه وأبو حنيفة والهادوية وبه قال عطاء والضحاك بن قيس والزهري وإسحاق وعبد اللّه بن شقيق وظاهره عدم الفرق بين أخذها على تعليم من كان صغيرا و كبيرا وقالت الهادوية إنما يحرم أخذها على تعليم الكبير لأجل وجوب تعليمه القدر الواجب وهو غير متعين ولا يحرم على تعليم الصغير لعدم الوجوب عليه وذهب الجمهور إلى أنها تحل الأجرة على تعليم القرآن وأجابوا عن أحاديث الباب بأجوبة‏.‏ منها أن حديث أبي وعبادة قضيتان في عين فيحتمل أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم علم أنهما فعلا ذلك خالصا للّه فكره أخذ العوض عنه‏.‏ وأما من علم القرآن على أنه للّه وأن يأخذ من المتعلم ما دفعه إليه بغير سؤال ولا استشراف نفسه فلا بأس به‏.‏ وأما حديث عمران بن حصين فليس فيه إلا تحريم السؤال بالقرآن وهو غير إتخاذ الأجر على تعليمه وأما حديث عيد الرحمن بن شبل فهو أخص من محل النزاع لأن المنع من التأكل بالقرآن لا يستلزم المنع من قبول ما دفعه المتعلم بطيبة من نفسه‏.‏

وأما حديث عثمان بن أبي العاص فالقياس للتعلم عليه فاسد الاعتبار لما سيأت هذا غاية ما يمكن أن يجاب به عن أحاديث الباب ولكنه لا يخفى أن ملاحظة مجموع ما تقضي به يفيد ظن عدم الجواز وينتهض للاستدلال به على المطلوب وإن كان في كل طريق من طرق هذه الأحاديث مقال فبعضها يقوي بعضا ويؤيد ذلك أن الواجبات إنما تفعل لوجوبها والمحرمات إنما تترك لتحريمها فمن أخذ على شيء من ذلك أجرا فهو من الآكلين لأموال الغير بالباطل لأن الإخلاص شرط ومن أخذ الأجرة غير مخلص والتبليغ للأحكام الشرعية واجب على كل فرد من الأفراد قبل قيام غيره به‏.‏ ومن جملة ما أجاب به المجوزون دعوى النسخ بحديث ابن عباس الآتي وسيأتي الجواب عن ذلك واستدلوا على الجواز أيضا بما أخرجه الشيخان وغيرهما عن سهل بن سعد ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم جاءته امرأة فقالت يا رسول اللّه إني قد وهبت نفسي لك فقامت قياما طويلا فقام رجل فقل يا رسول اللّه زوجينها إن لم يكن لك بها حاجة فقال صلى اللّه عليه وآله وسلم هل عندك من شيء تصدقها إياه فقال ما عندي إلا ازرارى هذه فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أن أعطيتها أزارك جلست لا إزار لك فالتمس شيئا فقال ما أجد شيئا فقال التمس ولو خاتما من حديد فالتمس فلم يجد شيئا فقال له النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم هل معك من القرآن شيء فقال نعم سورة كذا وسورة كذا يسميها فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قد زوحتكها بما معك من القرآن‏)‏ وفي رواية ‏(‏قدملكتكها بما معك من القرآن‏)‏ ولمسلم ‏(‏زوجتهكا تعلمها من القرآن‏)‏ وفي رواية لأبي داود ‏(‏علمها عشرين آية وهي امرأتك‏)‏ ولأحمد ‏(‏قد أنكحتكها على ما معك من القرآن‏)‏ وقد أجاب المانعون من الجواز عن هذا الحديث بأجوبة منها أنه زوجها به بغير صداق إكراما له لحفظه ذلك المقدار من القرآن ولم يجعل التعليم صداقا وهذا مردود برواية مسلم وأبي داود المذكورة‏.‏ ومنها أن هذا مختص بتلك المرأة وذلك الرجل ولا يجوز لغيرهما ويدل على ذلك ما أخرجه سعيد بن منصور عن أبي النعمان الأزدي ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم زوج امرأة على سورة من القرآن ثم قال لا يكون لأحد بعدك مهرا‏)‏ ومنها أنه صلى اللّه عليه وآله وسلم لم يسم لها مهرا ولم يعطها صداعا وأوصى لا بذلك عند موته ويؤيده ما أخرجه أبو داود من حديث عقبة بن عامر ‏(‏أنه صلى اللّه عليه وآله وسلم زوج رجلا امرأة ولم يفرض لها مهرا ولم يعطها شيئا فأوصى لها عند موته بسهمه من خيبر فباعته بمائة الف‏.‏ ومنها أنها قضية فعل لا ظاهر لها‏.‏ ومن حملة ما احتجوا به على الجواز حديث عمر بن الخطاب المتقدم في الزكاة ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال له ما أتاك من هذا المال من غير مسألة ولا اشراف نفس فخذه‏)‏ الحديث ويجاب عنه بأنه عموم مخصص بأحاديث الباب‏.‏

4 - وعن ابن عباس ‏(‏أن نفرا من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم مروا بماء فيهم لديغ أو سليم فعرض لهم رجل من أهل الماء فقال هل فيكم من راق فإن في الماء رجلا لديغا أو سليما فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فجاء بالشء إلى أصحابه فكرهوا ذلك وقالوا أخذت على كتاب اللّه أجرا حتى قدموا المدينة فقالوا يا رسول اللّه أخذ على كتاب اللّه اجرا فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب اللّه‏)‏‏.‏

رواه البخاري‏.‏

5 - وعن أبي سعيد قال ‏(‏انطلق نفر من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء فقال بعضهم لوأتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعلهم أن يكون عندهم بعض الشيء فأتوهم فقالوا يا أيها الرهط أن سيدنا لدغ وسعينا بكل شيء لا ينفعه فهل عند أحد منكم من شيء قال بعضهم إني واللّه لارقي ولكن واللذه لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا فصالحوهم على قطيع من غنم فانطلق يتفل عليه ويقرأ الحمد للّه رب العالمين فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبة قال فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه فقال بعضهم اقتسموا فقال الذي رقي لا تفعلوا حتى نأتي النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فنذكر له الذي كان فننظر الذي يأمرنا فقدموا على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فذكروا له ذلك فقال وما يدريك أنها رقية ثم قال قد أصبتم اقتسموا واضربوا لي معكم سهما وضحكالنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم‏)‏‏.‏ رواه الجماعة إلا النسائي وهذا لفظ البخاري وهو أتم‏.‏

قوله ‏(‏فيهم لدغ‏)‏ اللديغ بالدال المهملة والغين المعجمة هو اللسيع وزنا ومعنى واللدغ اللسع وأما اللذع بالذال المعجمة والعين المهملة فهو الإحراق الخفيف واللدغ المذكور في الحديث هو ضرب ذات الحمة من حية أو عقرب أو غيرهما وأكثر ما يستعمل في العقرب وقد صرح الأعمش في روايته بالعقرب‏.‏ قوله ‏(‏أو سليم‏)‏ هو اللديغ أيضا قوله ‏(‏أن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب اللّه‏)‏ استدل به الجمهور على جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن وأجيب عن ذلك بأن المراد بالأجر هنا الثواب ويرد بأن سياق القصة يأبى ذلك وادعى بعضهم نسخة بالأحاديث السابقة وتعقب بأن النسخ لا يثبت بمجرد الاحتمال وبأن الأحاديث القاضية بالمنع وقائع أعيان محتملة للتأويل لتوافق الأحاديث الصحيحة كحديثي الباب وبأنها مما لا تقوم به الحجة فلا تقوى على معارضة ما في الصحيح وقد عرفت مما سلف أنها تنتهض للاحتجاج بها على المطلوب والجمع ممكن أما بحمل الأجر المذكور ههنا على الثواب كما سلف وفيه ما تقدم أو المراد أخذ الأجرة على الرقية فقط كما يشعر به السياق فيكون مخصصا للأحاديث القاضية بالمنع أو بحمل الأجر هنا على عمومه فيشمل الأجر على الرقية والتلاوة والتعليم ويخص أخذها على التعليم بالأحاديث المتقدمة ويجوز ما عداه وهذا أظهر وجوه الجمع فينبغي المصير إليه قوله ‏(‏فاستضافوهم‏)‏ أي طلبوا منهم الضيافة‏.‏ وفي رواية للترمذي أنهم ثلاثون رجلا قوله‏:‏ ‏(‏فلم يضيفوهم‏)‏ بالتشديد للأكثر وبكسر الضاد المعجمة مخففا‏.‏ قوله ‏(‏فسعوا له بكل شيء‏)‏ أي مما جرت العادة أن يتداوى به من اللدغة‏.‏ قوله ‏(‏إني واللّه لارقى‏)‏ ضبطه صاحب الفتح بكسر القاف والرقية كلام يستشفى به من كل عارض‏.‏ قال في القاموس والرقية بالضم العوذة الجمع رقي ورقاه رقيا ورقيا ورقيه نفث في عوذته‏.‏ قوله ‏(‏جعلا‏)‏ بضم الجيم وسكون المهملة ما يعطي على عمل‏.‏ قوله ‏(‏على قطيع‏)‏ قال ابن التين هو طائفة من الغنم وتعقب بأن القطيع هو الشيء المنقطع من غنم كان أو من غيرها‏:‏ قال بعضهم الغالب استعماله فيما بين العشرة والأربعين‏.‏ وفي رواية للبخاري ‏(‏انا نعطيكم ثلاثين شاة‏)‏ وهو مناسب لعدد الرهط المذكور سابقا فكأنهم جعلوا لكل رجل شاة قوله‏:‏ ‏(‏يتفل‏)‏ بضم الفاء وكسرها وهو نفخ معه قليل بزاق وقد سبق تحقيقه في الصلاة قال ابن أبي جمرة محل التفل في الرقية يكون بعد القراءة لتحصل بركة القراءة في الجوارح التي يمر عليها الريق‏.‏ قوله ‏(‏ويقرأ الحمد للّه رب العالمين‏)‏ فيرواية ‏(‏أنه قرأها سبع مرات‏)‏ وفي أخرى ‏(‏ثلاث مرات‏)‏ والزيادة أرجح قوله ‏(‏نشط‏)‏ بضم النون وكسر المعجمة من الثلاثي كذا لجميع الرواة‏:‏ قال الخطابي وهو لغة والمشهور نشط إذا عقد وأنشط إذا حل واصله الأنشوطة بضم الهمزة والمعجمة بينهما نون ساكنة وهي الحبل والعقال بكسر المهملة بعدها قاف هو الحبل الذي يشد به ذراه البهيمة‏.‏ قوله ‏(‏وما به قلبة‏)‏ بفتح القاف واللام أي علة وسميت العلة قلبة لأن الذي تصيبه يقلب من جنب إلى جنب ليعلم موضع الداء قاله ابن الأعرابي‏.‏ ومنه قول الشاعر‏.‏ وقد برئت فما بالصدر من قلبه‏.‏ وحكي عن ابن الأعرابي أن القلبة داء مأخوذ من القلاب يأخذ البعير فيؤلمه قلبه فيموت من يومه قوله ‏(‏فقال الذي رقى‏)‏ بفتح القاف قوله‏:‏ ‏(‏وما يدريك أنها رقية‏)‏ قال الداودي معناه وما أدراك وقد روى كذلك ولعله هو المحفوظ لأن ابن عيينة قال إذا قال وما يدريك فلم يعلم وإذا قال وما أدراك فقد علم وتعقبه ابن التين بأن ابن عيينه إنما قال ذلك فيما وقع في القرآن وإلا فلا فرق بينهما في اللغة في نفي الدراية وهي كلمة تقال عند التعجب من لاشيء وتستعمل في تعظيم الشيء أيضا وهو لائق هنا كما قال الحافظ‏.‏ وفي رواية بعد قوله ‏(‏وما يدريك أنها رقية قلت القي في روعي‏)‏ وللدارقطني ‏(‏قلت با رسول اللّه ألقي في روعي‏)‏ وذلك ظاهر في أنه لم يكن عنده علم متقدم بمشروعية الرقي بالفاتحة قوله‏:‏ ‏(‏ثم قال قد أصبتم‏)‏ يحتمل أن يكون صوب فعلهم في الرقية ويحتمل أن يكون ذلك في توقفهم عن التصرف في الجعل حتى استأذنوه ويحتمل ما هو أعم من ذلك قوله‏:‏ ‏(‏واضربوا لي معكم سهما‏)‏ أي إجعلوا منه نصيبا وكأنه صلى اللّه عليه وآله وسلم أراد المبالغة في تأنيسهم كما وقع في قصة الحمار الوحشي وغير ذلك‏.‏

ـ وفي الحديث ـ دليل على جواز الرقية بكتاب اللّه تعالى ويلتحق بما كان بالذكر والدعاء المأثور وكذا غير المأثور مما لا يخالف ما في المأثور‏:‏ وأما الرقي بغير ذلك فليس في الأحاديث ما يثبته ولاما ينفيه إلا ما سيأتي في حديث خارجة‏.‏ وفي حديث أبي سعيد مشروعية الضيافة على أهل البوادي والنزول على مياه العرب وطلب ما عندهم على سبيل القرى أو الشراء وفيه مقابلة من امتنع من المكرمة بنظير صنعه وفيه الأشتراك في العطية وجواز طلب الهدية ممن يعلم رغبته في ذلك واجابته إليه‏.‏

6 - وعن خارجة بن الصلت عن عمه ‏(‏أنه أتى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ثم أقل راجعا من عنده فمر على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد فقال أهله أنا قد حدثنا ان صاحبكم هذا قد جاء بخير فهل عندك شيء تداويه وقال فرقيته فاتحة الكتاب ثلاثة أيام كل يوم مرتين فبرأ فأعطوني مائتي شاة فأتيت النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فأخبرته فقال خذها فلعمري من أكل برقية باطل فقد أكلت برقية حق‏)‏‏.‏

رواه أحمد وأبو داود‏.‏ وقد صح ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم زوج امرأة رجلا على أن يعلمها سورا من القرآن‏)‏ ومن ذهب إلى الرخصة لهذه الأحاديث حمل حديث أبي وعبادة على أن التعليم كان قد يتعين عليهما وحمل فيما سواهما من الأمر والنهي على الندب والكراهة‏.‏

حديث خارجة أخرجه أيضا النسائي وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده رجال الصحيح الا خارجة المذكور وقد وثقه ابن حبان‏.‏ وأخرجه أيضا ابن حبان والحاكم وصححاه‏.‏ وحديث تزويج المرأة قد ذكرناه في أول الباب‏.‏

قوله ‏(‏عن عمه‏)‏ هو علاقة بن صحار بضم الصاد وتخفيف الحاء المهملة التميمي الصحاب وقال خليفة هو عبد اللّه بن عثير بكسر العين المهملة وسكون المثلثة بعدها مثناة تحتية مفتوحة ثم راء مهملة‏.‏ وقيل اسمه علاثة ويقال سحار بالسين والأول أكثر قوله‏:‏ ‏(‏ثلاثة أيام‏)‏ لفظ أبي داود ثلاثة أيام غدوة وعشية كلما ختمها جمع بزاقه ثم تفل قوله‏:‏ ‏(‏فلعمري‏)‏ اقسم بحياة نفسه كما اقسم اللّه بحياته والعمر والعمربفتح العين وضمها واحد الا أنهم خصوا القسم بالمفتوح لا يثار الأخف وذلك لأن الحلف كثير الدور على ألسنتهم ولذلك حذفوا الخبر وتقديره لعمرك مما أقسم كما حذفوا الفعل في قولك باللّه قوله‏:‏ ‏(‏برقية باطل‏)‏ أي برقية كلام باطل فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه والرقى الباطلة المذمومة هي التي كلامها كفر أو التي لا يعرف معناها كالطلاسم المجهولة المعنى قوله‏:‏ ‏(‏على أن يعلمها سورا من القرآن‏)‏ قد تقدم الجواب عن الاستدلال بهذا الحديث وتحقيق ماهو الحق والأحاديث المذكورة في هذا الباب تدل على أنه يجوز للانسان ان يسترقي ويحمل الحديث الوارد في الذين يدخلون الجنة بغير حساب وهم الذي لا يرقون ولا يسترقون على بيان الأفضلية واستحباب التوكل والاذن لبيان الجواز ويمكن أن يجمع بحمل الأحاديث الدالة ترك الرقية على قوم كانوا يعتقدون نفعها وتأثيرها بطبعها كما كانت الجاهلية يزعمون في أشياء كثيرة‏.‏

 باب النهي أن يكون النفع والأجر مجهولا وجواز استئجار الأجير بطعامه وكسوته

1 - عن أبي سعيد قال ‏(‏نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم عن استئجار الاجير حتى يبين له أجره وعن النجش واللمس وإلقاء الحجر‏)‏‏.‏

رواه أحمد‏.‏

2 - وعن أبي سعيد أيضا قال ‏(‏نهى عن عسب الفحل وعن قفيز الطحان‏)‏‏.‏

رواه الدارقطني وفسر قوم فقيز الطحان بطحن الطعام بجزء منه مطحونا لما فيه من استحقاق طحن قدر الأجرة لكل واحد منهما على الآخر وذلك متناقض‏.‏ وقيل لا بأس بذلك مع العلم بقدره وإنما المنهي عنه طحن الصبرة لا يعلم كلها بقفيز منها وإن شرط حبا لان ماعداه مجهول فهو كبيعها الا قفيزا منها‏.‏

3 - وعن عتبة بن الندر ‏(‏فقال كنا عند النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقرأ طس حتى بلغ قصة موسى عليه السلام فقال إن موسى أجر نفسه ثمان سنين أو عشر سنين على عفة فرجه وطعام بطنه‏)‏‏.‏

رواه أحمد وابن ماجه‏.‏

حديث أبي سعيد الأول قال في مجمع الزوائد رجال أحمد رجال الصحيح الا أن إبراهيم النخعي لم يسمع من أبي سعيد فيما احسب اه وأخرجه أيضا البيهقي وعبد الرزاق وإسحاق في مسنده وأبو داود في المراسيل والنسائي في الزراعة غير مرفوع ولفظ ‏(‏من استأجر أجيرا فليسم له أجرته‏)‏ وحديثه الثاني أخرجه أيضا البيهقي وفي إسناده هشام أبو كليب قال ابن القطان لا يعرف‏.‏ وكذا قال الذهبي وزاد وحديثه منكر‏.‏ وقال مغلطاي هو ثقة وأورده ابن حبان في الثقات‏.‏ وحديث عتبة بن الندر بضم النون وتشديد المهملة في إسناده مسلمة بن علي الحسني وهو متروك وقيل اسمه مسلم والأول أصح قوله‏:‏ ‏(‏حتى يبين له أجره‏)‏ فيه دليل لمن قال إنه يجب تعيين قدر الأجرة وهم العترة والشافعي وأبو يوسف ومحمد وقال مالك وأحمد بن حنبل وابن شبرمة لا يجب للعرف واستحسان المسلمين‏.‏ قال في البحر قلنا لانسلم بل الإجماع على خلافه اه ويؤيد القول الأول القياس على ثمن المبيع قوله‏:‏ ‏(‏وعن النجش‏)‏ إلى آخر الحديث قد تقدم الكلام على ذلك في البيع وإلقاء الحجر هو بيع الحصاة الذي تقدم تفسيره وإذا أخذ النهي عن النجش على عمومه صح الاستدلال به على عدم جواز الاستئجار عليه ولكنه يبعد ذلك عطف اللمس وإلقاء الحجر عليه‏.‏ قوله ‏(‏نهى عن عسب الفحل‏)‏ قد سبق ضبطه وتفسيره في البيع والمراد به الكراهة كما قال الجوهري يقال عسبت الرجل أي أعطيته الكراء وقيل ماء الفحل نفسه لقول زهير

ولولا عسبه لتركتموه ** وشر منيحة فحل معار

وقد ذهبت الشافعية والحنفية والعترة إلى أنه لا يجوز تأخير الفحل للضراب‏.‏ وقال مالك وابن أبي هريري يصح كالاعارة وهو قياس فاسد الأعتبار‏.‏ قوله ‏(‏وعن قفيز الطحان‏)‏ حكى الحافظ في التلخيص عن ابن المبارك أحد رواة الحديث بأن صورته أن يقال للطحان اطحن بكذاوكذا وزيادة قفيز من نفس الطحين وقد استدل بهذا الحديث أبو حنيفة والشافعي ومالك والليث والناصر على أنه لا يجوز أن تكون الأجرة بعض المعمول بعد العمل‏.‏ وقالت الهادوية والامام يحيى والمزني أنه يصح بمقدار منه معلوم وأجابوا عن الحديث بأن مقدار القفيز مجهول أو أنه كان الاستئجار على طحن صبة بقفيز منها بعد طحنها وهو فاسد عندهم قوله‏:‏ ‏(‏وطعام بطنه‏)‏ فيه متمسك لمن قال بجواز الاستئجار بالنفقة ومثلها الكسوة وهو أبو حنيفة والامام يحيى‏.‏ وقال الشافعي وأبو يوسف ومحمد والهادوية والمنصور باللّه لا يصح للجهالة‏.‏